أغلب الناس يظن أن الحل السحري لمشاكلهم المالية هو إنشاء مشروع، وكأن هذا سيجعلهم أثرياء مباشرة. دعني أقول لك بأن هذا غير صحيح بتاتا.
أعرف أنه خبر سيء، وأنا آسف جدا لأني نقلته إليك. نعم، أنا فعلا آسف.
أعرف أنك إيجابي، ولا تحب قراءة مثل هذه الأفكار. ولهذا أغلب من يعالج هذه المواضيع يذكر فقط ما هو إيجابي وجيد وجميل.
كل مافي الأمر هو أنني أريد أن أعطيك الصورة كاملة، حتى لاتخسر فلوسك وتدخل في أزمة مالية قد تكون السبب في تخريب مستقبلك أو تشتيت عائلتك.
معلوماتك غير كاملة
ماذا ستفعل لو كنت بحاجة إلى زيادة دخلك لتغطية مصاريف البيت المرتفعة؟
ماذا لو فقدت وظيفتك واضطررت إلى البحث عن وظيفة أخرى لأداء الفواتير؟
ماذا لو أصبحتِ مطلقة أو مريضة، والنفقة غير كافية حتى لتلبية حاجياتك الضرورية؟
أو ببساطة، ماذا لو وجدت نفسك غير مرتاح في عملك أو وظيفتك؟
بالتأكيد، أغلب الناس،خصوصا في الانترنيت، سيقولون لك، أفضل حل لمشاكلك هو إنشاء مشروع،للحصول على الدخل السلبي
يقدمون لك الحل وكأنه بسيط جدا، بحيث أنك ستستيقظ صباحا وتقول “سأنشئ مشروعا اليوم”! وهكذا ستحل كل مشاكلك و ستصل إلى الحرية المالية.
آسف جدا، هذا غير صحيح، أنت بحاجة إلى معرفة ما يطلبه الأمر حقيقةً قبل البدء فيه.
إنشاء مشروع ليس بتلك السهولة التي يتصورها الناس.
– ٪50 من المشاريع الصغيرة تفشل في 5 سنوات الأولى.
– أكثر من الثلثين (٪66) يختفي في 10 السنوات الأولى منذ الافتتاح. المصدر
– 9 من 10 من الشركات الناشئة تفشل. المصدر
إنشاء المشاريع ليس بتلك السهولة التي يتصورها البعض؛ اختيار اسم جيد، و إنشاء موقع إلكتروني، وتوزيع بطائق الزيارات، ثم بعد ذلك ستأتي الطلبات عبر الهاتف والايميل، وينجح المشروع.
الربح غير مضمون وغير فوري عندما تنشئ مشروعا
هذا من أكثر الأفكار المغلوطة المنتشرة بين الناس.
تجد الكثيرين ممن يبيعون الوهم للناس يكتبون:
10 مشاريع يمكنك البدء فيها اليوم، أو 5 مشاريع يمكنك إنشاؤها نهاية هذا الأسبوع.
كل هذا هراء ولا أساس له من الصحة، لكنه يجعل الناس سعداء؛ لأن أغلب الناس يريد سماع ما يحبون بغض النظر عن مدى صحته.
هناك فرق شاسع بين إنشاء المشروع وبين أن يكون المشروع ناجحا و مربحا
هل يمكن إنشاء مشروع في يوم واحد، أو في عطلة نهاية الأسبوع؟
بالطبع، يمكنك وضع اسم لمشروعك، وإتمام كل الإجراءات الإدارية المطلوبة.
هل سينجح هذا المشروع ويحقق لك أرباحا تساعدك على حل مشاكلك المادية.
بالطبع لا، لأن الأمر يتطلب الكثير من الوقت والجهد للوصول إلى تلك النقطة.
أغلب من يتحدثون في هذا الموضوع يعجبهم جعل الأشياء تبدوا بسيطة، وكأن الأمر يتطلب فقط أن تؤمن بالفكرة لتتحقق في الواقع، وهذا غير صحيح.
ما الذي يجعل المشروع ناجحا
المبتدئون غالبا ما يركزون على بعض المؤشرات المشهورة والجميلة مثل آراء العملاء، و الاشهار في وسائل الإعلام، وأرقام المبيعات الإجمالية.
هذه الأمور لها مكانها ، لا سيما في جذب عملاء جدد بالتعليقات الإيجابية، وإظهار مستوى معين من النجاح من خلال عدد المبيعات. لكن ارتفاع عدد المبيعات وحده لايعني أبداً نجاح المشروع.
معيار نجاح المشروع هو صافي الدخل (أو صافي الأرباح)، وليكون مرتفعا لابد من العمل على إنقاص نفقات الشركة.
العوامل التي تمنحك القدرة للتحكم في النتيجة النهائية (صافي الأرباح) كثيرة، لكن هناك عاملان مهمان، وغالبًا ما يتجاهلهما رواد الأعمال عديمي الخبرة:
- الحفاظ على نفقات الإنتاج في حدود المعقول، وإلا ستزيد تكلفة الإنتاج و سترتفع أثمنة السلع أو الخدمات، وهذا سيجعل الزبناء ينصرفون.
- إعطاء الأثمنة المناسبة للسلعة والخدمات؛ اختيار الأثمنة غير المناسبة سيتسبب في طرد العملاء على المستوى البعيد، كما أن أي تغيير في المشروع سيتسبب في تقليص هامش الربح الصافي.
هذان العاملان يصعب على المستثمرين التعامل معهما، حتى أولئك الذين لهم خبرة سابقة في إدارة المشاريع.
لايهم كم من المتابعين عندك في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا المراجعات الجيدة، ولا عدد المبيعات أو الزبناء. إذا لم يكن عندك هامش ربح صافي جيد في الأخير، فمشروعك غير ناجح.
لا يمكن فعل كل شيء وحدك
الكثير من المقاولين يحاولون فعل كل شيء بأنفسهم، وهذا خطأ.
ببساطة، لأنه ليس هناك الوقت الكافي لتكون ماهراً في كل شيء. سواء كنت تفكر في تصميم شعار لمشروعك، أو كان عندك مشكل مالي أو قانوني…، لابد أن تتواضع وتوزع المهام على أصحاب الخِبرة والمهارة.
الاستعانة بمطور محترف أو خبير في التصميم سيعطي نتائج أفضل من محاولة تصميم موقعك الإلكتروني بنفسك.
توظيف خبير مالي سيعطيك نتائج أفضل من محاولة تعلم المحاسبة والنظام الضريبي للقيام بذلك بنفسك.
نفس الشىء بالنسبة للمسائل القانونية و اللوجستيكية الأخرى.
إذا كنت من الناس الذين يحاولون القيام بكل شيء والتحكم في كل شيء، فأكيد أنك ستفشل.
توزيع المهام مهم جدا ، لأنه سيوفر لك الوقت والجهد لفعل ما تُتْقِن.
تسيير المشروع صعب
الوقت الذي يتطلبه إنشاء مشروع أو شراؤه جاهزاً، كبير جدا. بحيث أنك ستكون بحاجة إلى إعادة ترتيب أولوياتك لتجد وقتا للنوم.
الكثير من الناس يُفاجؤون بأن تسيير المشروع يتطلب الكثير من الوقت أكثر مما يتوقعون ، خصوصا في الأول. وغالبا ما يكون هذا سبب استسلامهم وتخليهم عن فكرة المشروع.
بالإضافة إلى هذا، الكثير من الناس أَلِفُوا العمل كعمال أو موظفين، لكن عندما تكون بيئة العمل مختلفة و يكونون مستقلين، يصبحون أقل كفاءة وإنتاجا.
إذا كنت من الناس الذين يتقنون تقسيم وقتهم:
كم من الوقت ستُخصص للتسويق للمشروع؟
كم من الوقت ستحتاج لوضع خُطة مُحْكَمة ومدروسة لمشروع؟
إذا كنت تصنع منتوجا، كم من الوقت سيأخذ منك البحث و مقارنة سلاسل التوريد؟
تصميم الموقع؟
المحاسبة؟
الأمور القانونية؟
وقائمة الأمور التي تحتاج الجهد والتركيز لا تنتهي، واليوم فيه 24 ساعة فقط.
الجودة مكلفة
هل تريد أن توزع على زبنائك بطائق زيارات مطبوعة في المنزل وذات جودة رديئة؟ هل تريد أن يُصمم موقعك الإلكتروني شخص غير كُفْءٍ باستعمال أدوات بسيطة؟ ماذا لو اتصل أحد الزبائن وأجابه ابنك؟
تقديم صورة مهنية ومحترمة لمشروعك ستكلفك الكثير من المال.
أبدوا وكأنني ضد فكرة الاستثمار وإنشاء المشاريع، وهذا غير صحيح، لأن هذا هو مجال عملي.
أنا مع الفكرة، لكن بشرط أن تُنَفّذ بالطريقة الصحيحة:
أن يكون عندك هدف واضح وواقعي.
أن يكون المشروع مدروسا ومخططا له بالكامل.
أن يكون التمويل كافيا، وأن يكون عندك حساب ادخار أو دخل آخر لتغطية مصاريف المشروع إلى أن ينمو عائد الاستثمار(ROI) أن تكون توقعاتك صحيحة.
إنشاء مشروع لن يغير بسرعة حياتك أو وضعك المادي إلى الأفضل، بل ربما إذا فعلته بصورة خاطئة، ستَدخل في أزمة مالية. لهذا كن حذراً.
لابد أن تربطك علاقة حب بمشروعك لتنجح
لا أحد يخطط ليفشل في مشروعه، المشكل هو أننا عندما نخاف من الفشل ، يصبح النجاح صعبا بل مستحيلا،كيف يمكننا النجاح في شيء ونحن لم نبدأه أبدا.
أنا خائف من الفشل، إذا سأنتظر إلى أن تكون الظروف مواتية لإنشاء مشروع!
أغلب المقاولين والمستثمرين فهموا هذه القاعدة وطبقوها، وأنت كذلك إذا كنت مؤمنا بمشروعك ومستعد لبذل الغالي والنفيس لإنجاحه.
لابد من الاطلاع على أخطاء الآخرين وفشلهم لتتعلم منها وتتجنب تكرارها.
العزم والتنفيذ من الصفات الأساسية التي يتمتع بها أغلب رجال الأعمال الناجحين، وهذا ما يجعلهم يعتبرون الفشل فرصة لإعادة تقييم وتنظيم الأفكار وإجراء التعديلات الضرورية،وأخذ نفس أطول لبلوغ الهدف.
عندما سُئِل توماس إديسون عن محاولاته الفاشلة لإنشاء بطارية تخزين، قال:
أنا لم أفشل، بل وجدت أكثر من 10.000 طريقة لا تعمل.
توماس إديسون
بمعنى آخر، هو لم يعتبر المرات التي فشل فيها فشلا في حد ذاته، بل دروس أوصلته إلى هدفه من خلال البحث عن طرق أخرى إلى أن وصل إلى اختراع بطارية التخزين.
هذا الدرس يجب على كل الناس تطبيقه(وخصوصا المستثمرين ورجال الأعمال) في حياتهم الدراسية والمهنية. والدرس هو أن التعلم من أخطائك سوف يقودك إلى الصواب وتحقيق الهدف.
وارن بافت ‘Warren Buffett’ تحدث عن فشله عندما باع أسهمه في شركة؛ وكانت أول أسهم اشتراها ب $40، لكن تفاجأ أن قيمة الأسهم وصات $200 بعد بضع سنوات. وتعلم من هذا أن من أفضل طرق الاستثمار ، هو الاستثمار في الشركات الجيدة على المدى الطويل.
هذه فقط أمثل لأناس معروفين استطاعوا تحويل فشلهم إلى فرص للنجاح. القدرة على الاستفادة من أخطائك السابقة، مع العزم والتصميم على عدم الاستسلام عند الفشل، هو الذي يصنع المخترعين، والرؤساء ، والرواد وغيرهم من الناجحين.
لاتخف من الفشل، فهو مرحلة ضرورية من مراحل إنشاء مشروعك.