تعتبر المشتقات أدوات مالية تستمد قيمتها من شيء آخر. ولأن قيمة المشتقات المالية ‘Financial derivatives’ تأتي من أصول أخرى، فإن المتداولين المحترفين يرغبون في شرائها وبيعها لتعويض المخاطر. ومع ذلك، فإنه يمكن أن يكون للمشتقات تأثير عكسي بالنسبة للمستثمرين المبتدئين الأقل خبرة، مما يجعل محافظهم الاستثمارية أكثر خطورة بكثير.
ما هي المشتقات المالية ؟
المشتقات هي عقود مالية معقدة تعتمد على قيمة الأصل الأساسي أو مجموعة الأصول أو المعيار ‘benchmark’، يمكن أن تشمل هذه الأصول الأساسية: الأسهم والسندات والسلع والعملات وأسعار الفائدة ‘interest rates’ ومؤشرات السوق أو حتى العملات المشفرة.
يدخل المستثمرون في عقود مشتقة تنص بوضوح على شروط كيفية استجابتهم مع الطرف آخر للتغيرات المستقبلية في قيمة الأصل الأساسي ‘underlying asset’.
يمكن تداول المشتقات خارج البورصة (OTC)، مما يعني أن المستثمر يمكنه شراؤها من خلال الوسطاء ‘brokerage dealer’ أو في البورصات، مثل بورصة شيكاغو التجارية، وهي من أكبر أسواق المشتقات المالية في العالم.
يتم تنظيم وتقنين المشتقات المتداولة في البورصة، أما المشتقات خارج البورصة فليست كذلك. وهذا يعني أنك قد تكون قادرًا على تحقيق المزيد من الربح من هذا النوع من المشتقات (OTC)، ولكنك ستواجه أيضًا خطرًا أكبر من مخاطر، مثل احتمالية تخلف أحد الأطراف عن سداد عقد المشتقات.
أنواع المشتقات المالية
هناك 4 أنواع رئيسية من المشتقات: العقود الآجلة: ‘futures’، و ‘forwards’، والخيارات ‘options’ والمقايضات ‘swaps’. وإذا كنت مستثمراً يومياً، فلن تتعامل بشكل مباشر إلا مع العقود الآجلة ‘futures’ والخيارات ‘options’. في العقود الآجلة، يتفق الطرفان على شراء وبيع أصل بسعر محدد في تاريخ مستقبلي.
العقود الآجلة ‘futures’
تلزم العقود الآجلة الأطراف بسعر معين، لذا من الممكن استخدامها لتعويض المخاطر المتمثلة في ارتفاع أو انخفاض سعر الأصل، مما يترك شخصًا ما يبيع البضائع بخسارة هائلة أو يشتريها بسعر مرتفع. وبدلا من ذلك، تقفل العقود الآجلة بمعدل مقبول لكلا الطرفين بناء على المعلومات المتوفرة لديهم حاليا.
والجدير بالذكر أن العقود الآجلة هي استثمارات موحدة ‘standardized, exchange-traded investments’ ويتم تداولها في البورصة، مما يعني أن المستثمرين العاديين يمكنهم شرائها بسهولة كما يمكنهم شراء الأسهم، حتى لو لم تكن شخصيًا بحاجة إلى سلعة أو خدمة معينة بسعر معين. تتم تسوية المكاسب والخسائر يوميًا، مما يعني أنه يمكنك بسهولة المضاربة على تحركات الأسعار القصيرة المدى ولا ترتبط برؤية المدة الكاملة للعقد الآجل.
وبما أن العقود الآجلة ‘futures’ يتم شراؤها وبيعها في البورصة، فإن خطر تخلف أحد الطرفين عن سداد العقد أقل بكثير.
العقود الآجلة ‘forwards’
هذا نوع آخر من العقود الآجلة مثله مثل النوع السابق ‘futures’، باستثناء أنها يتم إعدادها وتداولها خارج البورصة، أي أنها عقود خاصة -بشكل عام- بين طرفين. وهذا يعني أنها غير منظمة، وأكثر عرضة لخطر التخلف عن السداد، لذا لا يضع المستثمرون العاديون أموالهم فيها.
ورغم أن نسبة المخاطرة فيها عالية، إلا أن هذا النوع من العقود الآجلة ‘forwards’ يسمح بمزيد من التخصيص للشروط والأسعار و خيارات التسوية، مما قد يؤدي إلى زيادة الأرباح.
عقود الخيارات ‘options’
تعمل عقود الخيارات ‘options’ كإصدارات غير ملزمة من العقود الآجلة ‘futures’، و ‘forwards’، فهي تنشئ اتفاقا لشراء وبيع شيء ما بسعر معين في وقت معين، ويعتبر الطرف الذي يشتري العقد ليس ملزما باستخدامه. ولهذا السبب، تتطلب عقود الخيارات ‘options’ عادةً دفع قسط يمثل جزءًا من قيمة الاتفاقية.
يمكن أن تكون عقود الخيارات ‘options’ أمريكية أو أوروبية، وهو ما يحدد كيفية تفعيلها.
عقود الخيارات الأوروبية: هي إصدارات غير ملزمة من العقود الآجلة ‘futures’، أو ‘forwards’. يمكن للشخص الذي اشترى العقد تنفيذ العقد في اليوم الذي سينتهي فيه العقد، أو يمكنه تركه دون استخدام.
أما عقود الخيارات الأمريكية: فيمكن تفعيلها في أي وقت يسبق تاريخ انتهاء صلاحيتها. وهي أيضا غير ملزمة ويمكن أن تظل غير مستخدمة.
يمكن تداول عقود الخيارات ‘options’ في البورصات أو خارج البورصة. لكن عندما يتم تداولها في البورصة، فإنه يتم ضمانها من قبل غرف المقاصة ويتم تنظيمها من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصة (SEC)، مما يقلل من مخاطر الطرف المقابل.
عقود المقايضات ‘swaps’
تسمح عقود المقايضات ‘swaps’ للطرفين بالدخول في عقد لتبادل التدفقات النقدية أو الالتزامات ‘liabilities’ في محاولة لتقليل تكاليفهما أو تحقيق الأرباح. ويحدث هذا عادة مع أسعار الفائدة ‘interest rates’، والعملات، والسلع الأساسية، والتخلف عن سداد الائتمان، وهذه الأخيرة كانت سبب انهيار سوق العقار سنة 2007-2008.
و لتبسيط الطريقة الدقيقة التي يتم بها تنفيذ المقايضة على الأصول المالية التي يتم تبادلها، سأعطي مثالا. لنفترض أن الشركة أبرمت عقدًا لتبادل قرض بسعر فائدة متغير، بقرض بسعر فائدة ثابت مع شركة أخرى. فالشركة التي تريد التخلص من قرضها ذو الفائدة المتغيرة، تحاول حماية نفسها من مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير. وفي الوقت نفسه، تراهن الشركة التي تقدم القرض بسعر فائدة ثابت على أن سعر الفائدة الثابت سيحقق لها ربحًا ويغطي أي زيادات في السعر تأتي من القرض ذو السعر المتغير. وإذا انخفضت الأسعار عن مستواها الحالي، فسيكون ذلك أفضل.
تحمل عقود المقايضات ‘swaps’ مخاطر عالية على الطرف المقابل، وهي متاحة -بشكل عام- فقط خارج البورصة، للمؤسسات المالية والشركات، وليس للمستثمرين الأفراد.
اقرأ أيضا: كيفية فتح محفظة استثمارية: 6 خطوات للبدء
استخدامات المشتقات المالية
لا يتم استخدام المشتقات بشكل عام كاستثمارات بسيطة، كالشراء بسعر منخفض، أو البيع بسعر مرتفع أو الشراء للاحتفاظ، لأنها تنطوي على تعقيدات كبيرة. يُفضل بعض المستثمرين التعامل بالمشتقات المالية ‘Financial derivatives’ لما يلي:
- الحفاظ على المركز المالي ‘Hedge a financial position‘: إذا كان المستثمر يشعر بالقلق بشأن أين ستذهب قيمة أصل معين، فيمكنه استخدام أحد المشتقات لحماية نفسه من الخسائر المحتملة.
- المضاربة على سعر الأصل ‘Speculate on an asset’s price‘: إذا اعتقد المستثمر أن قيمة الأصل سوف تتغير بشكل كبير، فيمكنه استخدام المشتقات للمراهنة على مكاسبه أو خسائره المحتملة.
- استخدام الأموال بشكل أكثر فعالية: معظم المشتقات المالية ‘Financial derivatives’ تعتمد على الهامش ‘margin-powered’، مما يعني أنك قد تكون قادرًا على الدخول فيها من خلال دفع القليل -نسبيًا- من أموالك الخاصة. و هذا مفيد جداً عندما تحاول توزيع الأموال عبر العديد من الاستثمارات لتحسين الأرباح، ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى عوائد أكبر بكثير مما يمكنك الحصول عليه بأموالك وحدها. ولكن هذا يعني أيضًا أنك قد تكون عرضة لخسائر فادحة إذا قمت بالرهان الخاطئ في عقد المشتقات المالية.
مخاطر المشتقات المالية
يمكن أن تكون المشتقات المالية ‘Financial derivatives’ محفوفة بمخاطر عالية جداً للمستثمرين. ومن هذه المخاطر المحتملة ما يلي:
- مخاطر الطرف المقابل ‘Counterparty risk‘: إن احتمال تخلف الطرف الآخر في العقد عن السداد، يمكن أن يرتفع في المشتقات المالية، خاصة عندما يتم تداولها خارج البورصة. نظرًا لأن المشتقات المالية ليس لها قيمة في حد ذاتها، فهي في النهاية تكتسب قيمتها من ثقة الأشخاص أو الشركات التي توافق عليها.
- الظروف المتغيرة: المشتقات المالية التي تلزمك تعاقديا بأسعار معينة يمكن أن تؤدي إلى الثراء أو الإفلاس. فإذا وافقت على العقود الآجلة: ‘futures’، و ‘forwards’ أو المقايضة، فقد تضطر إلى الوفاء بخسائر كبيرة، وهي خسائر قد تتضخم بالهامش الذي حصلت عليه. حتى عقود الخيارات ‘options’ غير الإلزامية لا تخلو من المخاطر، حيث يجب عليك دفع بعض المال للدخول في عقود قد لا تختار تنفيذها.
- التعقيد: يمكن أن تصبح المشتقات المالية بالنسبة لمعظم المستثمرين -وخاصة تلك القائمة على أنواع الاستثمار التي لا يعرفونها- معقدة بسرعة. كما أنها تتطلب أيضًا مستوى من المعرفة بالمجال والإدارة النشطة التي قد لا تعجب المستثمرين المعتادين على استراتيجيات عدم التدخل والشراء والاحتفاظ التقليدية.
اقرأ أيضا: كيف تبدأ الاستثمار ؟ وأفضل مجالات الاستثمار للمبتدئين
كيفية الاستثمار في المشتقات المالية
يعد الاستثمار في المشتقات محفوفًا بالمخاطر بنسبة عالية، ولا تعتبر خيارًا جيدًا للمستثمرين المبتدئين أو حتى المتوسطين. تأكد من حصولك على الأساسيات المالية، مثل صندوق الطوارئ ومساهمات التقاعد، قبل الخوض في هذا النوع من الاستثمارات ‘speculative investments’ مثل المشتقات المالية.
لكن إذا كنت ترغب في البدء بالاستثمار في المشتقات المالية ‘Financial derivatives’، فيمكنك القيام بذلك بسهولة عن طريق شراء المشتقات المعتمدة على الصناديق ‘fund-based derivative products’ باستخدام حساب استثمار عادي.
قد تفكر، على سبيل المثال، في صندوق استثمار مشترك ذو رافعة مالية أو صندوق متداول في البورصة (ETF)، والذي يمكنه استخدام عقود الخيارات أو العقود الآجلة لزيادة الأرباح، أو صندوق عكسي ‘inverse fund’ يستخدم المشتقات لكسب أموال المستثمرين عندما يكون السوق أو المؤشر الأساسي في الهبوط.
تساعد المشتقات المعتمدة على هذا النوع من الصناديق من تقليل بعض مخاطر المشتقات، مثل مخاطر الطرف المقابل ‘Counterparty risk‘. ولكنها أيضًا ليست صالحة بشكل عام للاستثمارات الطويل الأجل في الشراء والاحتفاظ، ولا يزال من الممكن أن تؤدي إلى تضخيم الخسائر.
اقرأ أيضا: أهمية الاستثمار|5 أسباب للبدء في الاستثمار الآن؟
اقرأ أيضا: 6 عادات مالية للوصول إلى الاستقلال المالي