البيع على المكشوف هو استراتيجية تهدف إلى الاستفادة من انخفاض سعر الأصول. معظم الاستثمارات تبدأ بشراء الأصل ثم بيعه لاحقًا بسعر أعلى، أما في البيع على المكشوف فإنه يتم بيع الأصل ثم إعادة شرائه لاحقًا بسعر أقل.
ما هو البيع على المكشوف
البيع على المكشوف هو استراتيجية تداول متقدمة، تقلب فكرة الاستثمار التقليدية رأساً على عقب. تُعرف معظم الاستثمارات في سوق الأوراق المالية باسم “الشراء” – أو شراء سهم لبيعه لاحقًا بسعر أعلى. إذا قام المتداولون ببيع سهم ما، فإنهم “يبيعون” أو يراهنون على أن سعر السهم سوف ينخفض.
لتقصير السهم، يبدأ المتداول مركزًا عن طريق اقتراض الأسهم أولاً من وسيط قبل بيع هذا المركز على الفور في السوق إلى مشترين آخرين.
لإغلاق الصفقة، يجب على البائع على المكشوف شراء الأسهم مرة أخرى – بسعر أقل – لسداد المبلغ المقرض إلى الوسيط. إذا انخفض سعر السهم، كما توقع المتداول، فإنه يقوم بخصم فرق السعر مطروحًا منه الرسوم والفوائد كربح.
البيع على المكشوف، هو وسيلة للمتداولين للمراهنة على انخفاض الأسعار أو التحوط من المركز. على الرغم من أن الأمر قد يبدو واضحًا ومباشرًا، إلا أن البيع على المكشوف ينطوي على الكثير من المخاطر.
إذا ارتفع سعر السهم بدلا من الانخفاض، فإن البائع على المكشوف سوف يخسر المال.
للمشاركة في البيع على المكشوف، تحتاج إلى فتح حساب هامش ‘Margin Account’ مع وسيط ‘brokerage’ لتكون مؤهلاً.
هل يجوز البيع على المكشوف ؟
ربما يكون البيع على المكشوف ‘Short Selling’ أحد أكثر المواضيع المثيرة للجدل في مجال الاستثمار. غالبًا ما يتم اتهام البائعين على المكشوف بأنهم قاسيون و يسعون لتحقيق مكاسبهم المادية بأي ثمن، بغض النظر عن المشاريع و مصادر الرزق التي يتم تدميرها في عملية البيع على المكشوف. وقد وصف بعض الاقتصاديين البائعين على المكشوف بأنهم غير أخلاقيين لأنهم يراهنون ضد الاقتصاد.
ولكن البائعين على المكشوف يمكنون الأسواق من العمل بسلاسة من خلال توفير السيولة، كما أنهم يقومون بتقييد الوفرة المفرطة لدى المستثمرين.
غالبًا ما يدفع التفاؤل المفرط الأسهم إلى مستويات عالية، خاصة عند ازدهار السوق (market peaks)، مثل أسهم الشركات التكنولوجيا في أواخر التسعينيات، وعلى نطاق أقل، أسهم السلع والطاقة من عام 2003 إلى عام 2007. يعمل البيع على المكشوف بمثابة اختبار واقعي؛ بحيث يمكن أن يحد في النهاية من ارتفاع الأسهم التي يتم تقديم عروض أسعار لها عالية جداً خلال أوقات الوفرة المفرطة.
يمكن أن يوفر البيع على المكشوف بعض الدفاع ضد الاحتيال المالي من خلال فضح الشركات التي تحاول بطريقة احتيالية تضخيم أدائها. غالبًا ما يقوم البائعون على المكشوف بإجراء بحث شامل قبل اتخاذ ‘short position’. و غالبًا ما يسلط مثل هذا البحث الضوء على معلومات غير متاحة بسهولة في أي مكان آخر، وبالتأكيد ليست متاحة عادة من شركات الوساطة التي تفضل إصدار توصيات الشراء بدلاً من البيع.
طريقة البيع على المكشوف
دعونا نستخدم مثالاً أساسيًا لتوضيح كيف تتم عملية البيع على المكشوف ‘Short Selling’:
بالنسبة للمبتدئين، ستحتاج إلى حساب المارجن/الهامش ‘Margin Account’ في شركة وساطة لتقصير السهم ‘short a stock’. ثم سيتعين عليك بعد ذلك تمويل هذا الحساب بمبلغ معين من الهامش. متطلبات الهامش القياسية هي ٪150، مما يعني أنه يتعين عليك الحصول على ٪50 من العائدات التي قد تتراكم عليك من بيع السهم على المكشوف.
لذا، إذا كنت ترغب في بيع 100 سهم من الأسهم التي يتم تداولها على المكشوف بسعر 10 دولارات، فيجب عليك وضع 500 دولار كهامش في حسابك.
لنفترض أنك فتحت حساب المارجن/الهامش وتبحث الآن عن مرشح مناسب للبيع على المكشوف. ولاحظت أن شركة ‘Conundrum’ مثلا معرضة لانخفاض كبير، وقررت بيع 100 سهم بسعر 50 دولارًا للسهم الواحد.
إليك كيف تتم عملية البيع على المكشوف:
يمكنك تقديم أمر البيع على المكشوف من خلال حساب الوساطة الخاص بك عبر الإنترنت ‘online brokerage account’ أو المستشار المالي ‘financial advisor’. لاحظ أنه يتعين عليك الإعلان عن البيع على المكشوف على هذا النحو لأن البيع المكشوف غير المعلن عنه يعتبر انتهاكا لقوانين الأوراق المالية.
سيحاول وسيطك ‘brokerage’ اقتراض الأسهم من عدد من المصادر، بما في ذلك مخزون الوساطة، أو من حسابات الهامش لأحد عملائه، أو من وسيط آخر. تفرض لائحة ‘SHO’ الصادرة عن لجنة الأوراق المالية والبورصة (SEC) من الوسيط-التاجر أن تكون لديه أسباب معقولة للاعتقاد بأنه يمكن اقتراض الورقة المالية قبل إجراء عملية بيع على المكشوف في أي ورقة مالية. و يُعرف هذا باسم “locate requirement”.
بمجرد أن يتم اقتراض الأسهم أو “تحديد موقعها” بواسطة الوسيط-التاجر، سيتم بيعها في السوق وإيداع العائدات في حساب الهامش الخاص بك.
يحتوي حساب الهامش الخاص بك الآن على 7500 دولار: 5000 دولار من البيع على المكشوف لـ 100 سهم من ‘Conundrum’ بسعر 50 دولارًا، بالإضافة إلى 2500 دولار (٪50 من 5000 دولار أمريكي) كوديعة الهامش الخاصة بك.
لنفترض أنه بعد شهر، تم تداول أسهم شركة ‘Conundrum’ بسعر 40 دولار. يمكنك إعادة شراء 100 سهم من أسهم ‘Conundrum’ التي تم بيعها على المكشوف بسعر 40 دولارًا، وإنفاق 4000 دولار. وبالتالي فإن إجمالي ربحك، مع تجاهل التكاليف والعمولات (من أجل التبسيط)، هو 1000 دولار ($5000 – $4000 ).
من ناحية أخرى، لنفترض أن أسهم شركة ‘Conundrum’ لم يتراجع كما توقعت، بل ارتفع بدلاً من ذلك إلى 70 دولارًا. خسارتك في هذه الحالة هي 2000 دولار ($5000 – $7000).
يمكن اعتبار البيع على المكشوف بمثابة صورة معكوسة لـ “going long”، أو شراء السهم. في المثال أعلاه، كان من الممكن أن يتم أخذ الجانب الآخر من معاملة البيع على المكشوف من قبل مشتري أسهم شركة ‘Conundrum’. ويتم تعويض مركزك القصير ‘short position’ الذي يبلغ 100 سهم في الشركة من خلال المركز الطويل ‘long position’ للمشتري الذي يبلغ 100 سهم. وبطبيعة الحال، فإن مشتري الأسهم لديه عائد مقابل المخاطرة وهو النقيض تمامًا لمكافأة البائع على المكشوف. في السيناريو الأول، يحقق البائع على المكشوف ربحًا قدره 1000 دولار من انخفاض السهم، ومشتري السهم لديه خسارة بنفس المبلغ. أما في السيناريو الثاني، فعندما تطلع قيمة السهم، فإن البائع على المكشوف يعاني من خسارة قدرها 2000 دولار، وهو ما يعادل الربح الذي سجله المشتري.
من يقوم عادة بالبيع على المكشوف ‘Short Selling’ ؟
صناديق التحوط ‘Hedge funds’
تعد صناديق التحوط من أكثر الكيانات نشاطًا في مجال البيع على المكشوف. تحاول معظم صناديق التحوط حماية نفسها من مخاطر السوق عن طريق بيع الأسهم القصيرة أو القطاعات التي تُعتبر مبالغ فيها.
المتحوطون ‘Hedgers’
يجب عدم الخلط بينهم وبين ‘صناديق التحوط’، التحوط هو اتخاذ ‘offsetting position’ في ورقة مالية ما من أجل الحد من التعرض للمخاطر في المركز الأول ‘initial position’. يمكن للمستثمر الذي يشتري أو يبيع عقود الخيارات استخدام ‘delta hedge’ لتعويض مخاطره من خلال الاحتفاظ بمراكز طويلة وقصيرة لنفس الأصول الأساسية.
الأفراد ‘Individuals’
يقوم المستثمرون المحترفون أيضًا بالبيع المكشوف، إما للتحوط من مخاطر السوق أو لمجرد المضاربة. يمثل المضاربون حصة كبيرة من الأنشطة القصيرة ‘short activity’.
يعد البيع على المكشوف مثاليًا للمتداولين على المدى القصير ‘short-term traders’ الذين لديهم الإمكانيات اللازمة لمراقبة مراكز تداولهم عن كثب، بالإضافة إلى الخبرة اللازمة لاتخاذ قرارات تداول سريعة.
مخاطر البيع على المكشوف ‘Short Selling’
ينطوي البيع على المكشوف على عدد من المخاطر، منها ما يلي:
مردود المخاطر والمكافأة ‘Skewed risk-reward payoff’
يحمل البيع على المكشوف مخاطر خسارة لا حصر لها. وفي الوقت نفسه، فإن الحد الأقصى للربح – الذي قد يحدث إذا انخفض السهم إلى الصفر – محدود. على عكس أنواع البيوع الأخرى في الأوراق المالية، حيث تقتصر الخسارة على المبلغ المستثمر في الورقة المالية ويكون الربح المحتمل لا حدود له،
التقصير ‘Shorting’ مكلف
يتضمن البيع على المكشوف عددًا من التكاليف الزائدة بالإضافة إلى عمولات التداول. مثل اقتراض الأسهم على المكشوف، بالإضافة إلى الفائدة التي تدفع عادة على حساب الهامش. البائع على المكشوف هو أيضًا في مأزق لدفع أرباح الأسهم التي تم بيعها على المكشوف.
الذهاب ضد اتجاه السوق
كما ذكرنا سابقًا، فإن البيع على المكشوف يتعارض مع الاتجاه التصاعدي الراسخ للأسواق. يقوم معظم المستثمرين وغيرهم من المشاركين في السوق بالشراء فقط، مما يخلق زخمًا طبيعيًا في اتجاه واحد.
التوقيت هو كل شيء
يعد توقيت البيع على المكشوف أمرًا بالغ الأهمية، و بدء البيع على المكشوف في الوقت الخطأ يمكن أن يسبب لصاحبه كارثة. لأن المبيعات القصيرة ‘short sales’ تتم على الهامش، فإذا ارتفع السعر بدلاً من الانخفاض، فيمكنك رؤية الخسائر بسرعة حيث يطلب الوسطاء إعادة شراء المبيعات بأسعار أعلى من أي وقت مضى.
المخاطر التنظيمية
يفرض المنظمون في بعض الأحيان حظراً على المبيعات القصيرة بسبب ظروف السوق؛ وهذا قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسواق، مما يجبر البائع على المكشوف على تغطية مراكزه بخسارة كبيرة. الأسهم التي يتم بيعها على المكشوف بشكل كبير تتعرض أيضًا لخطر “الشراء”، والذي يشير إلى إغلاق مركز قصير من قبل وسيط تاجر إذا كان من الصعب جدًا اقتراض السهم ويطالب المقرضون بإعادته.
إن المخاطر الكبيرة والمتعددة المرتبطة بالبيع على المكشوف يعني أنه مناسب فقط للمتداولين والمستثمرين الذين لديهم الانضباط التجاري المطلوب لخفض خسائرهم عند الحاجة. كما أن الاحتفاظ بمركز بيع غير مربح على أمل أن يعود ليس استراتيجية قابلة للتطبيق. يتطلب البيع على المكشوف مراقبة مستمرة للموقف والالتزام بوقف الخسائر المحكم.
لماذا يقوم المستثمرون عمومًا بالبيع على المكشوف؟
يقوم المستثمرون بالبيع على المكشوف ‘Short Selling’ للاستفادة من انخفاض سعر الأوراق المالية. و هذه الإستراتيجية تمكنهم من كسب المال أثناء تراجع السوق.
هل يمكن تقصير أي ورقة مالية؟
لا يمكن تقصير ‘Shorting’ جميع الأوراق المالية. قد يتم تصنيف بعض الأسهم على أنها “صعبة الاقتراض” بسبب نقص العرض، أو القيود التنظيمية، أو عدم رغبة شركات الوساطة في إقراض الأوراق المالية.
هل يمكنك بيع صناديق الاستثمار المتداولة على المكشوف؟
نعم، يمكن بيع معظم صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs) مثل الأسهم العادية. ومع ذلك، نظرًا لأن الصناديق المتداولة تمثل مجموعات من الأسهم، فقد تكون أقل تقلبا من الأسهم الفردية، مما قد يقلل الأرباح المحتملة من البيع على المكشوف.
اقرأ أيضا: أهمية الاستثمار|5 أسباب للبدء في الاستثمار الآن؟
اقرأ أيضا: كيف تبدأ الاستثمار ؟ وأفضل مجالات الاستثمار للمبتدئين
اقرأ أيضا: الحرية المالية: 7 خطوات عملية للوصول إلى الاستقلال المادي
أخيراً
هناك سؤال جوهري يطرح نفسه: لما يقوم المستثمرون بالبيع على المكشوف رغم كل ما فيه من المخاطر؟ لأن الأسهم والأسواق غالبًا ما تنخفض بشكل أسرع بكثير من ارتفاعها، ويمكن أن تكون بعض الأوراق المالية ذات القيمة الزائدة فرصًا للربح.
كما أن البيع على المكشوف ‘Short Selling’ هو استراتيجية متقدمة نسبيًا تناسب المستثمرين أو المتداولين الخبراء الذين هم على دراية بمخاطر البيع على المكشوف. قد يتم تقديم خدمة أفضل للمستثمر العادي باستخدام خيارات البيع للتحوط من مخاطر الجانب السلبي، أو المضاربة على الانخفاض بسبب المخاطر المحدودة التي ينطوي عليها الأمر. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يعرفون كيفية استخدامه بفعالية، يمكن أن يكون البيع على المكشوف سلاحًا قويًا في ترسانة الاستثمار المالي.